سبتمبر كان جميلًا



 هنالك غمامة كبيرة رمادية فوق رأسي، ولكنها مستأنَسة. كل ما أراه وأشعر به يمر خلالها أولًا، فيخرج باهتًا وبلا معنىً وعرضةً للنسيان، وكأنه لم يحدث، أو ربما حدث لشخص آخر، وأنا فقط أراه من مكان بعيد، فلا أشعر به يمت إلي بصلة، وحين أسترجعه من كهف الذاكرة، أسترجعه كأنه رسمةً ثنائية الأبعاد غير ملونة، ورسمها أحد ما سواي.


إن سبتمبر يحمل نسيمًا جميلًا، جميلًا، وكأن هنالك يد خفية تربت على كتفك، وهي لا تعدك بشيء ربما، ولكنها تقول لك على الأقل، وفي هذه اللحظة، لا تحزن كثيرًا، لا تحزن، وإنما فكر في أنك نجوت قد من السقوط. في الفجر أخرج للشرفة، أنظر للصبارات، ثم أنظر للسماء التي يخالط ظلامها النورُ الشفيف، وأفكر في كل الدروب التي لم أسرها ولم تحمل خطاي، ثم لا ينال من قلبي مسُّ ندم؛ لأنني أعي أن الدرب الذي حملني وخضته هو دربي، يناسبني وأناسبه، وكل ما عداه هو محض شذرات كان يمكن أن تكون في المجاز فقط، في قصص قبل النوم، في الأساطير، أما في الحقيقة فلا يمكن أن تكون، لا يمكن أن تقع، إنها دروب من مكعبات السكر وغزل البنات، حلوة، ولكن بلا معنى. إن الواحد منا فقط، يظن دائمًا أن وراء التبة وحيد قرن، في حين أن التجارب الكثيرة والحكمة الأزلية وأقوال العارفين، تخبرنا أن وراء التبة شيطان، أو على أقل تقدير.. وراء التبة لا شيء. 


يا ربنا يا واسع، الحمد لك على كل سعة.

Comments

Popular Posts