حزن مخادع كثعلب
أنظر للحزن في عينيه المخادعتين وأقول: أنت لست حقيقي، أنت محض إسقاط، زوبعة في فنجان، سراب في صحراء، وحين لا أنظر إليك ستختفي. أقولها وأنا أخبئ الخوف بين أضلاعي؛ لأني أعلم أن الحزن حقيقي وسيطالني. ولكن شجاعة الشجعان قد علمتني أن ادعاء الشجاعة شجاعة، وأن الوقوف في وجه الشيء رغم تفشي الضعف في الضلوع.. قوة.
هوايتي المفضلة هذه الأيام هي الطفو فوق الحياة كلما سنحت لي الفرصة، أضع الحياة على خاصية الانتظار، ثم أصلي أن تنساني، أو على الأقل تعطيني الفَسحة التي أحتاجها، دون مزيد من ضرائب الأفعال المؤجلة التي تتراكم عليّ.
يتساءل نيتشه ويقول: "هل الأفضل أن تكون وحشًا أسوأ للتغلب على الوحش، أم أنت تسلم نفسك للهلاك على يديه؟" وأشعر أحيانًا أنني بؤت بسوء كليهما: صرت وحشًا، وانهزمت. ليس بالطبع هنالك ضمان أن ما تشعر به هو الحقيقة، ولكن هنالك كل ضمانا الأرض أن ما تشعر به هو ما تشعر به ولا مفر للتحايل عليه.
حين يغرس الرجل سيفًا في قلبه، هل يعد انتحارًا أم ميلادًا جديدًا؟ هل يقتل نفسه أم يقتل شيئًا لا يريده؟
حين يذرف الرجل دمعةً، هل يعد ذلك ضعفًا وهزيمةً أم استجابة للرقة التي ينسج بها العالم قلوبنا مجبرين؟
حين يطعم الرجل قطةً ضالةً، هل يعد ذلك لطفًا أم سداد ديون لا ينتهي تجاه العالم؟
كل الأسئلة تثقلني، وكل الإجابات تثقلني شأنها شأن الأسئلة. حين أنظر للحزن في عينيه المرة المقبلة، سأفتح ذراعيّ وأعانقه، لأنه.. لا بد من نهاية للمعارك مع طواحين الهواء.
شاطر جداً حقيقي، نص مرهف رقيق جميل للغاية.. سلس كالماء وغزير الوصف والمعنى.
ReplyDelete