الظلام والنور والهشاشة كواقع وكفكرة

 حين تمشي في الشارع المظلم، تذكر أن تشتري شمعة لو استطعت، فالظلام قد يكون شيطانا عملاقًا، أو وحشًا قبيحًا، ولكن الشمعة الصغيرة تمتلك سحر النور، وسحر الأسباب، وسحر اليقين. حين تمشي في الشارع المظلم تذكر أن تشتري شمعة وألا تترك قلبك للظلام، فالقلب في النهاية هش، هش بطريقة مفجعة، ولو أنك لم تحترس وأنت تعبر، لابتلعه الظلام في برهة. 


حين أفكر في الظلام أجدني أود أن أكون كعنترة، الفارس الذي يظن في نفسه أنه حين يسحب سيفه البتار من غمده، فإن العالم سيشرق، والسماء ستنشق غيومها، والأرض ستستفتح بحضوره الجلل. إنني كلما كتبت اسمي في مكان ما فكرت أنه يا ليت للواحد منا من اسمه نصيب، وكلما غمرت نفسي بأشعار الشجاعة في لحظات التعب فكرت أنه يا ليت الواحد منا من أشعار صدره قريب. 


إن الهشاشة الشديدة في قلب أحدنا تجعل العالم ثقيلًا بشكل لا يصدق. والهشاشة قد تكون وجهًا آخر للحزن، أو للخذلان، أو للأسى، أو ربما هذه هي الفطرة التي جُعلت عليها قلوبنا، ربما لذلك ومنذ الأزل يفعل الإنسان ما يفعل ويملأ شرق الأرض ومغربها عنجهية بغيضة؛ لأنه فقط يود مواراة شيء لا يحب الإمعان فيه. أعني، ألم تشعر يومًا في لحظة تجلٍّ أنك لو نظرت لقلبك الآن.. لتشظى؟ إنها الهشاشة، نرثها ونورثها ونكرهها ثم لا نملك منها مهربًا. 


حين تمشي في الشارع المظلم، تذكر أن تشتري شمعة، وحين يتشظى قلبك، لا تبتئس، فقط أنصت، فقد تسمع حفيف جناحَي كل شظية وهي تحلق بعيدًا بعد أن صارت طائرًا.

Comments

  1. هنا وجدت عزاء لقلبي المتشظي "فقد تسمع جناحي كل شظية وهي تحلق بعيدًا بعد أن صارت طائرًا"، رائع!

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular Posts