القط وأرواحه السبعة.
يرتدي القط ربطة عنق جديدة
مزركشة، واشتراها في عيد الحب لنفسه
أثناء حياته الأولى
فالصحف الصفراء المملة
قد علمته أن يحب نفسه.
فحين يقرأها في ليالي يناير الباردة
باحثًا عن حظك اليوم
تخبره الأبراج أن يحب نفسه
وأن يتسلق الأشجار دون ملل.
(سبب الموت: الوحدة الشديدة)
برتدي القط نظارة شمس مؤخرًا
إذ يقول أن ضوء الشمس الساطع جدًا
الحقيقي جدًا
يؤذي الوهم داخله
وهو كأي قط متوسط الدخل
واسع الحيلة
أصبح في حياته الثانية
يفضل العيش مستترًا عن الواقع
وهواياته المفضلة:
صنع فقاعة من الوهم والعيش داخلها
وأحيانًا مطاردة الضوء على الحائط.
(سبب الموت: ضربة شمس)
يرتدي القط خاتمًا فضيًا
مرسوم عليه زهرة
يقول أن حبيبته أهدته هذا الخاتم
في حياته الثالثة
في ذكرى لقائهما
وكان هو في بداية هذه الحياة
يبحث عن المعنى
في الأزقة ليلًا
ويدخن بقايا سجائر رديئة
يجدها في الشوارع.
حينها رآها أول مرة
تنزل عليه المعنى
والسكينة
والحب الذي يشبه حرائق صغيرة في قلبه.
يتذكر الآن ويتنهد
ولكن لا شيء يفعله قطٌ نادمٌ الآن.
(سبب الموت: الفراق)
يشرب القط كوب قهوة في الصباح
ينظر للسماء الواسعة
ويتخيل أنه يحلق فيها
ولكنه يخاف الوحدة
ويخاف المرتفعات
اكتشف ذلك الاكتشاف المثير
أثناء حياته الرابعة
وكان هنالك قطة يمرح معها وقتها
ولكنه لا يتذكرها الآن.
(سبب الموت: السقوط من سطح منزل)
يرتدي القط سماعةً حديثة
فتدخل الأغاني رأسه الصغير مسرعةً:
"أحيانًا كل ما أفكر به هو أنت
والليالي المتأخرة من شهر يونيو"
في حياته الخامسة كان يحب الموسيقى جدًا
يسير في الحديقة عصر كل يوم
والأغاني تنساب حوله وخلاله:
صوت الماء في الجدول
حفيف أوراق الشجر
النسيم بين الزهور
والبشر جيئةً وذهابًا.
يكتب القط في مذكراته قائلًا:
كل شيء حين تنصت
قد يصير موسيقى
فقط حين تنصت.
(سبب الموت: الرقة الشديدة)
يجلس القط على سطح منزل
متأملًا الغروب البرتقالي
ومودعًا الشمس وهي ذاهبة لفم التنين
في حياته السادسة كانت زوجته تخبره كل يوم
أن الغروب ليس نهاية
بل فاصلًا قصيرًا
وغدًا بدايةٌ جديدة.
وكان يحبها ويقبلها كل ليلة
ويصف لها اللوحات الجميلة في متحف ال..
فقبل زوجاهما
كان يتسلل كل ليلة بخفة
وينتشي بالجمال..
يتأمله
والآن صار لديه قصص عن الجمال
يحكيها لزوجته الجميلة.
(سبب الموت: بندقية جندي في لوحة ما)
يتأمل القط انعكاس الشجر الحزين
على سطح نهر منزعج
يجلس على مقعد المارة في فجرٍ بارد
وحيدًا غير آسفٍ
فحيواته كانت نعمة
وموتاته كانت نعمة
يتفقدها واحدة واحدة بعين الحنين
ثم يخبر نفسه: لا ندم.
الآن تعييه الوحدة فقط
إذ لا يشعر ليلًا بالدفء
مهما تسربل بالذكرى
وحين يقرأ حكاية جميلة الآن
لا يتشاركها مع أحد.
تقترب قطة جميلة
تموء برقة لا متناهية
وتصعد المقعد جواره
كقدر يأتي في اللحظة المناسبة.
تتنحنح ثم تقول:
هل لديك قصة تحكيها؟
(سبب الموت: الشيخوخة مع من تحب)
Comments
Post a Comment