لوحة ‏ جميلة ‏من ‏ نافذة ‏غرفتي، ‏و محاولات مستمرة ‏لخلق ‏روتين. ‏

اخضرارُ أوراق الشجر مع ذهبية ضوء الشمس الواقع عليه يبدو جميلاً اليوم. ومع بعض النسيم اللطيف الذي يداعب الأغصان والأفراع فتتمايل بلا مجهود، أشعر بالسكينة تغمر نفسي. أشعر كذلك أن زرقة السماء اليوم أكثر بساطة ووضوحًا، كأنها ضربات فرشاة عشوائية ربما. ولكن ثابتة، وخفيفة. أشاهد من نافذة غرفتي، وأشعر بامتنان للألوان التي تملأ العالم.

أحاول هذه الأيام نسج أي روتين في حياتي، أي شيء يشعرني بأني لا أهيم على وجهي. وإنما أستيقظُ في عالم ثابت، عالم لا حدود وحواف، ومساحة محددة تحيطني وتحيط ما يعتمل بداخلي. قد يكون هذا الروتين معقدًا وذو طبقات، وقد يكون فقط مجرد تصرفات بسيطة. إننا فقط حين نشعر بالتيه، نتعلق ولو بقشة، تشعرنا أننا ما زلنا بالقرب من الطريق الأساسي، وما زلنا نحاول، ولسنا في قلب الصحراء نصارع المفاهيم المجردة والأفكار الوجودية المعقدة وحدنا.

أطمئن كل صباح أن غرفتي مرتبة تماماً. فذلك شيء يساعدني في التخفيف من ثقل بعثرة الأشياء داخل عقلي. أفعل ذلك وأقول لنفسي في رفق: لليوك نرتب الغرفة، وغدًا نرتب العقل.

أتحدث مع نفسي كثيرًا لأن ذلك شيء آخر يساعدني على الشعور بحقيقيتي وحقيقية العالم، وأن ما يحدث ليس مجرد محاكاة داخل رأسي. أتحدث مع الأشياء أيضًا، أتذكر منذ إسبوع وأنا أسحب بعض النقود من الـATM. والسيدة الآلية تقول لي Thank you for banking with us، قلتُ لها Thank you ATM lady. وكأنها ستسمع عبارات امتناني.

من المهم جدًا، والمحوري، أن تحاول دائمًا حين توقن من الانحراف عن مسارك، وعن مسار الواقع، أن تتأكد من شيئين أساسيين:
الأول أنك لم تبتعد كثيرًا وأنك كا زلت ترى الطريق وتعرف كيف تعود لها حتى ولو لم تمتلك الطاقة الكافية.
والثانية هي أن تنسح نفسك برفق وبثبات في نسيج الواقع، بأية طريقة تراها مناسبة، حتى لا تجد نفسك تتساءل في صباح ما، عن ما هو مقدار اتصالك بالواقع. ومقدار اتصاله بك.

إننا في قلب الصحراء ونحاول يا أصدقاء، ومن يحاول يمكن أن ينجو. أما من لا يحاول، فاحتمالاته كلها صفر صريح. 

Comments

Post a Comment

Popular Posts