بومةٌ مقرّنةٌ وشهاب.

البارحة ‏صنعت كوب شاي بالريحان، ثم خرجت للشرفة أرنو للسماء. رأيت نجمتين متجاورتين. تخيلتهما عينيكِ. ثم أدركت مباشرةً أن ذلك مجاز رديء. فكرتُ بعدها، أنه لو رأيت شهابًا الآن، لتمنيت السكينة. عدتُ للداخل، وضعت الكوب بالمجلى، وفكرتُ: عيناكُ أفضل من نجمتين، لا أحد ليحكمَ على مجازي على كل حال.

فكرتُ اليوم في الصعود إلى السطح لأتأمل الغروب. كان الجو باردًا. لذلك أخذت معطفًا ثقيلًا ووضعته علي، ثم حملت كرسيًا قابلًا للطي من الشرفة، وصعدت للسطح.

وضعت الكرسي في مقدمة السطح، ثم جلست. شغلت موسيقى plaine ma plaine وبعدها ثلاثية الأرشيدوق في قائمة تشغيل قصيرة، وقررت تأمل الغروب الجميل في صمت لا تشوبه سوى النغمات.

بعد قليل سمعت تحركًا في مؤخرة السطح، حينما نظرتُ وجدت بومةٌ ذات قرون، وقد اتخذت لها عشًا هنالك. لم تطِر حين رأتني، فقط بادلتني النظر.

تذكرت حينها ما دار على لسان أحد شخصيات موراكامي في روايته مقتل الكومنداتور، حين قال أمادا الصغير، أن وجود بومة تتخذ عشًا في منزل. هو نذير للفأل الجيد.

تركتها في حالها ثم عدت للكرسي مرةً أخرى مستأنفًا الموسيقى. فكرتُ قليلاً في البومة بعدها، وما هو مقدار الحظ الجيد الذي يمكن أن يصيبني من جراء سكناها لدينا. لم أصل لشيء محدد، ولكنني تفاءلتُ رغم ذلك.

بمناسبة التفاؤل، كنت في المواصلات البارحة عائدًا للمنزل ليلاً، وكان هنالك شخصان يتحدثان جواري. كان أحدهما يقول أنه قلِق، فرد عليه الآخر قائلًا له أن هذا نبر -والنبر هو لفظ عامي معناه استعجال حدوث السيء أو التطلع للاحتمالات السلبية- وأنه لا ينبغي أن يقلق أو ينبر. لقد فعل ما عليه، وهذا المهم. "ألم تستيقظ اليوك فتغتسل ووتوضأ وتصلي وتذهب لعلمك وتقوم بما يجب عليك القيام به؟ إذن أهدأ واتركها لله، لا شيء تفعله هي بين يدي الله" هكذا قال له -بتصرف بالطبع-. في الحقيقة كان الرجل يتحدث بنبرة خشنة، تلك النبرة التي يملأها يقين وخوف من التدخل فب سياق الأمور الذي قضاه الله. وحين أقول خشنة لا أقصد سيئة، ولكن خشنة كما توب صديقك حين يفعل فعلاً سيئًا أو ما إلى ذلك. كان الرجل الآخر مستكينًا، واقتنع بالكلام.

اقتنعتُ أنا أيضًا، وابتسمت هامسًا لنفسي "ونعم بالله".

في الدقيقة الأخيرة من plaine ma plaine وحينما تتخذ الموسيقى شكلاً مميزًا يرق له القلب تماماً. رأيت شهابًا يعبر السماء. كان واضحًا وضخمًا، واستغرق وقتًا حتى اختفى.

أغمضت عيني وفكرتُ: أتمنى السكينة.
ثم فتحتُ عيني لأراه يختفي.

شهدت ألوان الغروب الخيالية بعدها، شاعرًا بالجمال بعبر نفسي كما عبر الشهاب السماء، ثم حملت الكرسي وقررت النزول.

ألقيت نظرةً على البومة قبل أن أنزل، وكانت ما زالت كما هي في مكانها. فكرتُ أثناء نزولي: شكراً لكِ أيتها البومة، لقد أرسلتِ لي شهابًا جميلًا.

Comments

Popular Posts