ألوانٌ باهتة.

أشعر أن الحياة تطفو فوق سطح غير مستقر.

ينتابني ذلك الشعور، بأنه، في لحظة ما، وبشكل مباغت تماماً، سيصعد من أعماق الأرض، شيءٌ يفسد واقعية الأشياء، ويهدم كل مبنيّ، ويجعل العمران حطامًا وغبارًا. ولكنني لا أعلم ماهيته، أو ماذا سيكون تحديداً. وإنما هو فقط، ذلك الشعور المبهم الدائم، الذي يحوم في فضاء عقلك طيلة الوقت. كفكرة سخيفة معلقة. كأنكَ، تسيرُ في مكان مقفر في يوم شديد الحرارة، تلك الحرارة التي تجعل عقلك يبدأ في الهذيان. وفي ذلك اليوم الحار، وفي ذلك الطريق، تحوم الفكرة حولك طيلة الوقت. مضيفةً، لكل شيء سخيف وسيء، مزيدًا من السخف والسوء.

وفي طفو الحياة بهذا الشكل، فوق ذلك الكيان مجهول الهوية، الذي يهدد، بشكل حرفي، بسحق كل شيء موجود، تصبح الأشياء أقل بمقدار درجةٍ من كونها حقيقيةً أو مستقرة. كل شيء طبيعي. وعادي. غير شاذ، وغير مختلف. ولكنه كلوحة مرسومةٍ بألوانٍ باهتةٍ قليلًا. هي ألوان تعرفها جيدًا، أخضر وأحمر وأصفر وغيرها، ولكنها أبهتُ درجةً مما تفترض أن تكون عليه.

ولأنك تعايش هذه الأشياء، والتي، تشكل عمليًا، واقعك الملموس كله، فأنت تعتاد عليها. ولكن، ولكن، في نقطة عميقة في قاع وعيك، تدرك، بشكل لا يقبل الشك، أن شيئًا ما ليس على ما يرام. وأنه في النهاية، شيءٌ ما قابعٌ بالأسفل. وأنت مُهَدد.

إن القدرَ يختارُ جلاديه في اللعبة، من اللاعبين أنفسهم. وذلك شيء مؤسف للغاية. إذا تم اختيارك لتصبح جلادًا، فلا مفر من ذلك. كلُ عاطفتك وإنسانيتك ومبادئك ومعاييرك الأخلاقية وأبراجك العاجية، لن تجدي نفعًا، ولن تحفظك من لعب الدور الذي وضعك القدر فيه. الجلاد بأمر القدر، شخص مسكين للغاية. إذ ينفذ أمورًا بشعة، وضخمة، دون اختياره. وإنما تكون ضرورة. كالكوارث الطبيعية التي تلعب دورًا في تقدم النظام ونموه.

عليكَ، إن اختارك القدر للعب دور الجلاد، أن تكون سريعاً ودقيقًا ونظيفًا. وأن تضرب ضربتك بحزم لا تشوبه العاطفة. أتذكر السير ستانيس باراثيون، وهو يعاقب دافوث على جرائمه كمهرب قبل منحه لقب سير. إذ قام هو بنفسه، بقطع أصابع دافوث كعقاب. أتذكر وصف جورج مارتن للأمر، وعن وصفه للطريقة التي قطع بها ستانيس أصابع دافوث. ضربةُ ساطورٍ سريعةً ونظيفة. هكذا يجب أن يكون الجلاد في اللعبة. يضرب ضرباتٍ سريعةً ونظيفة.

لا أريدُ أن أصير جلادًا.

Comments

Popular Posts