نصلي ألَّا يأكلنا العدم
ليالي بدايات أكتوبر مليئة بالخواء والحيرة، كأن فنانًا قرر أن يرسم لوحة ثم لا يلونها، أو ربما هذا ذاته مجاز رديء مفتقد للمعنى هو الآخر. في منتصف روحك قد تجد فراغًا مؤرقًا لا تستطيع أن تحيط به علمًا، وأفكر لو أنني أمعنت النظر فيه لتحول إلى شيء محدد، شيء ذي كتلة ووزن وملمس وشعور، وأصارعه حينها فيصرعني أو أصرعه، ولكني كلما نظرت له، تلاشى من أمام عيني بمهارة، كشيء موجود وغير موجود، تشعر به ثم لا تراه، ثم يهيأ لك أنه خلفك.. فتنظر فلا تراه، ولكن شعوره يظل موجودًا.
أقول لنفسي مؤخرا تمسك بالقصص الجميلة، اغمر نفسك بها، فالحياة بها مساحات لأن ينتصر الراعي الهزيل على الوحش الأسطوري، علينا فقط في وجه كليشيهات الحياة الرديئة أن نشعل شمعة في الظلماء، وأن نزرع أملا في الصحراء، وأن نصلي ألا يأكلنا العدم.
هذه الأيام، لا أتمنى سوى أن أطفو فوق الصغائر كريشة يهدهدها النسيم العليل، فتنتقل من مكان مناسب، لمكان مناسب آخر، وكأن كل حركة صغيرة هي جزء من مخطط العالم الكبير، الذي لا يمكن أن يخطئ مسار أي شيء فيه، سواء كان ريشة صغيرة، أو ورقة شجرة هابطة، أو رجالًا مرهقين.
بعد منتصف الليل تصبح الأشياء نصف حقيقية، والأشخاص نصف بشر، وأنا بداخلي رجل مرهق يضحك على النكات الرديئة، ويود لو أنه كان شخصًا آخر.
Comments
Post a Comment