الإعصار وأنا والقط الوسيم غير المبالي.

 أحمل قلبي فوق كفي كل يوم وأقول: سننجو من الإعصار، ولكن يهمس الإعصار: أنت أنا، من يقدر أن ينجو من نفسه؟ 


على درجات المنزل الذي يبعد عن مسكني مئة متر، يتمدد قط برتقالي وسيم في لا مبالاة، ينظر إليّ فأنظر إليه، يتوقف الزمن للحظة كأن كل مننا هو انعكاس للآخر من عالم آخر، أقف في منتصف الشارع وأقول له: أنت تعلم أنه لا مفر لنا الآن من القدر، أليس كذلك؟ ورغم أنني أتمنى لو يرد علي، أستأنف طريقي مفكرًا في الإعصار من جديد، ولكنها أفكار مثلها مثل أفعى الدواء: تبدأ حيث تنتهي، وتنتهي حيث تبدأ. 


الشوارع اليوم مزدحمة بشكل خانق، كأن هذا الجزء من العالم يشبه غرفة متوسطة الحجم في بناء من السبعينات، وقد وضعنا به مئة ألف إنسان، والمشكلة ليست في العدد، -وإن كان مشكلة بالطبع-، ولكن المشكلة الحقيقية هي وضع كل هذا الكم من الحزن في مكان واحد، ثم انتظار الأشجار أن تثمر، أو الزهور أن تفوح، أو الطيور أن تحلق في السماء سهسذة.


أغرق نفسي هذه الليالي في رثاء ذات رديء، وأغمر نفسي بأفكار مشتتة منزلية الصنع، وأتأمل بشكل دوريّ قصائد الرفاق المعذبين في الأرض؛ علنا نجد في خلاصهم خلاص، أو نجد في مشاركتنا إياهم مواساة.

لا يخفف وطأة الليالي شيءٌ قدر ما يفعل قول صديقي محمد الباري: 

شَيءٌ يُطلُّ الآنَ مِنْ هذي الذُّرى

أَحتاجُ دَمعَ الأنبِياءِ لِكَيْ أَرَى


ثم بعد ذلك ببضع أبيات، يسأل سؤالٌ يغرقني في بحر مجازي من الهشاشة ويقول:

وَسَيعبُرُ الطوفانُ مِن أوطانِنَا

مَنْ يُقنع الطُّوفان ألا يَعْبُرَا

Comments

Popular Posts