عن ‏ الحلقات ‏ المفرغة ‏والعثرات. ‏

اعتزام المواصلة كل صباح جديد، هو السبيل الوحيد للخروج من الحلقات المفرغة الضيقة، لرحابة الطريق الواسعة، ولسكينة النهايات المرضية.
إن الحياة لمكان قاس، يتكون من طبقات عديدة من التعقيد، وهذه الطبقات تطالك، وتجبرك على الانغماس داخلها، حتى أنه، قد تجد نفسك في لحظة تجلٍ تتساءل: من أنا، وأين أنا، وكيف وصلت إلى هذه النقطة من الحياة؟

لطالما أخافتني الحلقات المغلقة. ولطالما كرهت السقوط لنفس العثرات. حين تفعل، أنت فقط لست تسقط، بل إن شيئًا في عقلك يُصاب، يتأثر. تبدأ الحقيقة بالنسبة له في التماهي. حين تسقط مرة ثم تستنقذ عزيمتك لتنهض، تُفرز المواد الكيميائية في عقلك احتفالاً بكون البطل الصغير قد نهض من السقطة. ثم تقطع شوطًا في الطريق، ثم تجد أن الطريق كان عبارة عن حلقة دائرية مغلقة، فتسقط مرة أخرى في نفس العثرة. تشعر بنفس الأذى، وتمضي نفس فترة الإحباط. ثم تستنقذك روحك الفتية، فتستنقذ أنت عزيمتك لتنهض، تُفرر المواد الكيميائية، تسير في الطريق، تقابل العثرة غافلًا، وهكذا. تكرار هذا السيناريو المدمر، يجعلك تشك في نفسك، وفي عمق مشاعرك، وفي معنى المواد الكيميائية، وفي حقيقة العزيمة والبطولة وكل شيء. تصبح محبطًا بشكل عام من الفكرة المجردة التي لا مفر منها، بأن الطريق دائري، ومغلق، وأنك ستنهض لتسقط فقط. ستصبح في مرحلة ما، مشمئزًا من النهوض، قدر اشمئزازك من السقوط تماماً.

قد يطرح تساؤل ما نفسه، ألا وهو: لماذا أسقظ لنفس العثرة؟ أعني، إن كنت أدرك أن الطريق دائرية ومغلقة، فلم لا أتجنب العثرة؟
هذا ببساطة لأنك تندفع بالأدرينالين في طريقك، ظانًا أن العثرة تكون مرة واحدة، وأنك سقطت فيها، وأُحبطت، ثم نهضت، وقطعت شوطًا جديدًا، وانتهى الأمر. عقولنا ليست جيدة في الاستعداد لأذى لا تظن أنه آت. وحتى لو استعدت، فإنه، وفي مرة ترخي فيها دفاعاتك إما من اطمئنان أو من تعب وإرهاق من مشقات الطريق، ستجد أنه، تظهر العثرة من الفراغ. لم تكن هنا الآن، وفجأة صارت هنا. ومستعدة لالتهامك بداخلها.

ما أخشاه دومًا هو النقطة التي تفقد فيها اليقين، ويصبح الأمر أنه، تنهض لأن ذلك هو الخطوة الجديدة في السيناريو، وتسقط لأنك صرت تؤمن أن السقوط يتجاوز قوتك وحدودك وقدراتك. الملل هو عدو الإنسان الأول. وربما قبله الإحباط.

استنتاجي الشخصي، هو أنه، الحلقة المفرغة، توجد على قارعة الطريق الرئيسي. أنت فقط تحتاج لآليات للتعامل معها، ولكسرها،. والخروج منها. 

عليك أن توقن دومًا، بأن السقوط ليس حتمي، وأنه لا سقوط يتجاوز قدرتك. إننا نتطور، نكتسب الخبرة والحنكة والمهارة، نصبح أدرى بالعثرة كل مرة عن سابقتها، وفي مرة، سنستطيع الإفلات منها، والخروج لنور الشمس الذي يلمع فوق رحابة الطريق. عليك فقط ألا تسقط للملل والإحباط، إذ سيصيران في النهاية هما العدو لا العثرة.

نقطة أخرى محورية، هي أن تستمر في النهوض. لا تستسلم لتدفق السيناريو الذي ستظنه حتميًا، إنه ليس حتميًا، إنه مضلل. استمر في النهوض، حتى لو تيقنت أن العثرة ستلتهمك بعد فترة محددة. صدقني، كل نهوض، يعلمك شيئاً جديدا. لا يهم أن يكون ذلك واضحا، ولكنه يحدث، صدقني إنه يحدث.

علينا ألا نفقد الأمل. علينا أن نستمر في النهوض، واليقين، بأن الحلقات تكسر، وأننا يا أصدقاء، بالقوة الكافية لكسرها. 

Comments

Popular Posts