دليلك العملي لامتلاك قلعةٍ في السماء. (قصة قصيرة مبتذلة، من تلك التي ينتصر فيها البطل)
(1)
أرنو إلى السحب كل صباحٍ، وأفكر كثيرًا، في أنه سيكون من اللطيف للغاية، لو امتلكت قصرًا بين كل هذه السحب اللطيفة. ولا أدري، هل هذه الفكرةُ هي فكرةٌ أصيلةٌ من بنت أفكاري، أم هي مجرد إسقاطٍ من عقلي الباطن بعد قيام بتحميل فيلمِ أنيميشن ياباني من ثمانينات القرن الماضي، نن إنتاج ستوديو جيبلي الجميل، يحمل اسم قلعةٍ في السماء.
أعترف أنني لم أشاهد منه أزيد من خمس عشرة دقيقة؛ نظرًا لضياع القطاع الأعظم من يومي بين ملل المواصلات والنوم، ولكن لا تنكر، أن الأمر سيكون لطيفًا للغاية في النهاية، لو امتلكتَ قصرًا بين كل هذه السحب اللطيفة.
دعني أخبرك السيناريو المحتمل، إذا ما أردت قلعةً بين السحاب.
(2)
عندما تريد قلعةً في السماء، سيتطلب عليك بذل الجهود والتضحيات أولًا. سوف تخرج في مغامرة، طلبًا للمجد. كما تعلم، لن يكون هنالك أي ضمانات، أنت كما الغول الأحمر ترتحل بحثًا عن الحق فقط. ولا ضمان سوى رؤيتك الخاصة.
(3)
في الطريق، ستقابل مختلف العقبات. ستهاجمك الكائنات الخرافية التي تسكن المستقنعات، وتتموه بالضباب، لتقضي على الحمقى أمثالك. ولكنك لست أحمقًا، ستُفلت من براثن الكائنات، بل وستؤذيها أنت بسيفك، ثم ستفقده.
لا يهم. لقد نجوت وهذا ما يهم، أليس كذلك؟ ستكمل مسيرك، شاعرًا ببعض الراحة؛ نظرًا لتجاوزك ما حدث.
(4)
سيظهر لك المحيط. ستستأجر قاربًا صغيرًا من سانتياغو، ثم ستبحر. الجو لطيف. والسماء صافية. والقصر ينتظر خاطب وده. لن يظل الأمر بهذا الهدوء بالطبع. أنت ناضجٌ كفايةً لتعلم ذلك، ستهب عاصفةٌ ضخمة، سيضطرب البحر، وسيظهر لك كراكن.
لا أنت لم تبلل سراويلك اطمئن. أنت شجاع، لا تقلق. ستفكر سريعاً، أسرع من أدهم أصبري، إنه أثر الأدرينالين. ستربض حتى يقترب الكراكن لالتهام مخلوقٍ تافه مثلك، ستنتظر، ستنتظر أكثر قليلًا. كأنك ويليام والاس ينتظر لرفع الرماح. Hold. Hold. Hold. ثم، وعلى حين غرة، ستقذف رمح سانتياغو الماضي في منتصف قلب الكراكن.
أنت لم تكن تعلم أن هذا قلبه. ولكن هكذا جرت الأمور. الحظ يلائم الشجعان كما تعلم. أحسنت، لقد قتلت كراكنًا للتو. ستعبر المحيط. ستعبره بانتشاء المنتصر. ثم تصل إلى قريةٍ صغيرة. وتأخذ قسطًا من الراحة: استراحة محارب.
(5)
يخبرك أهل هذه القرية، أن بعدهم يأتي وادي الغيلان. الوادي الذي يوجد فيه بذور النباتات الضخمة. النباتات التي أخدت جاك قاتل الغيلان لأعلى. يحاولون ثنيك عن الأمر. ولكن هيهات. فأنت عابر الضباب قاتل الكراكن. ولن يفت في عضدك شيءٌ قط.
(6)
ستغادر القرية لتنطلق مرةً أخرى. تصل لوادي الغيلان، لا تدخر جهدًا، تتسلل لقصر ملكهم المتوسط للوادي، مستغلًا ضآلة حجمك. ترى البذور الذهبية اللامعة. تغترف منها بيديك، ثم تشق طريقك نحو الخروج.
الأمور لا تسير بسلاسة كما تعلم. تعلمُ الغيلان بشأنك. تبدأ في الجري المحموم خوفًا من اقتراب أجلك. ولكن محالٌ بالطبع. فأنت لست في روايةٍ سعيدة مملة. يلتقطك الغيلان. ويحفظون روحك حتى يستجوبك الملك.
تقف بين يديه. والبذور ما زالت في جعبتك. يخبرك الملك أنك لست أول من تسول له نفسه فعل ذلك. لست أول من أثملت عقله المُنى. يذكرك الأمر بشكل عجائبي بالشاب الظريف، وهو يقول لا تجزعن فلست أول مغرم فتكت به الوجنات والأحداق. تضحك بعبثية في نفسك. ويستمر الملك في حديثه.
يوشكون على إعدامك. يعطيك الملك فرصة الحديث الآن. تستشعر في نفسك شجاعةً ضخمة. ولا مبالاةً بالموت. تخبره أنك مغامر لا يُشق له غبار. وأنك لست كأي أحد سبقك. أنت قاهر وحوش الضباب وقاتل الكراكن. ولن يقفوا أمامك هذه المرة وأمام قصر السماء، والذي صرتَ قاب قوسين أو أدنى منه. تخرج الكلمات منك بلا تفكير تقريباً. ولكن وكما أخبرتك بالأعلى. القصص ليست كلها سعيدة. يشعل خدم الملك النيران. ويقدمون على تنفيذ الحكم. أنت الآن قاب قوسين أو أدنى من الموت.
(7)
من حر اللهب. فجأة تظهر عنقاء بلون أحمر كألسنة هذا اللهب. تمد قدميها إليك فتتشبث بها. ألم تنقذ عنقاءُ دامبلدور بوترَ يومًا ما؟ أنت لست أقل منه بالطبع. لا أحد يعلم من أرسل العنقاء. ولا أحد مهتم بأن يعلم الآن.
تتشبث بالعنقاء بكل قوتك. ترتفع بك عاليًا في السماء أنت وبذورك. وتتلاشى أي فرصة للغيلان في إمساكك. أخيرًا تفلتك العنقاء. وتحلق بعيدًا مصدرةً صوتها الغنّاء.
(8)
تكمل الطريق. وتصل أخيرًا للجبل الذي ما عليك سوى تسلقه. ثم تنثر البذور لتنمو النباتات بعدها.
(9)
انتهى الطريق. تبتسم، وتتذكر أن لكل مجتهدٍ نصيب، وأن الحظ يلائمُ الشجعان.
-----
انتهت.
خيالك خصب ومفرداتك زي القمر 💛
ReplyDelete