كزهرةٍ لم يروِها صاحبها.
أشعر بالحصار
طيلة الوقت.
كأنني جندي في حرب ما
-لا يؤبه لها وله-
تحاصره مدرعات العدو
من كل اتجاه.
يطيل الركض آملًا
-والأمل واهٍ منكس الرأس-
بأن الجري سينقذه
أو أن أي شيء سيفعل.
نعلم جميعاً أنه
يموت الجندي في النهاية.
كزهرة لم يروِها صاحبها
ليس إهمالًا
ولكن إيمانًا
بعدم الجدوى.
في الحروب الطويلة المتصلة
تنسى دوافعك لخوضها
تتموه ذاتك خلالها
فتفقدها، وتفقد كل شيء
وحينها -أعتذر لك-
يتساوى لديك النصر مع الهزيمة
وتصبح فقط باحثًا لاهثًا
عن خلاص أبدي
من عبء صوت الرصاص ونفسك
تلك التي شوهتها الحرب
شوهتها ليال باردة
قضيتها وحيدًا كصبارة
ومتعبًا كجرامافون عتيق
صار كل نغم يعمل عليه
موحشًا كالغابة
ومقبضًا كالأخبار السيئة.
أشعر بالخوف المطلق
مِن -لا أدري- كل شيء؟
لا أدري.
أطمئن نفسي بأنه: لا
فالعالمُ
بكل سعته
لا بد وأن به
مواطن أمان لمرتعد مثلي.
أهمس بالفكرة لعقلي
محاولًا أن أقنعه
فيرفضها ويضحك ساخرًا.
أجد الخوف بعدها
في كل شيء
ليس أقصد ها هنا
الأشياء المخيفة بطبعها
ولكنني أرمي بحذر
لتلك التي ظننتها
مواطن أمان لمرتعد مثلي.
يخنقني منها الخوف المطبق
الخوف بلا سبب
وكأنني
صرتُ آلةً بليدة تلفة
تترجم كل شعور
على أنه خوف.
أري زهرةً فأخاف
أسمع طائرًا فأخاف
أذهب للنوم فأخاف
أستسلم كعادتي.
أعده قدري
ولكن الشمس الدافئة مثلك
تشرق في مرة بسطوع
أكثر من المعتاد
ألقاكِ فينثلج صدري
يبدأ الخوف في التبدد
تمسكين يدي برفق
لا تتسع كلماتي له
فأطمئن وأستكين
كما لو لم يصبني الخوف قط.
Comments
Post a Comment