عاصفة ربما لا تأتي، وقط كبير ذو فرو ملكي.
قبل النوم كل ليلة، أفكر: يجب أن أقتنع بأن الغد سيكون جيدًا. لا يهم الوضع العام المبعثر، ولا تهم الضغوط الداخلية والخارجية، فعدم معرفة ما سيحدث في الغد بالفعل، هو إشارة في حد ذاته. إشارة جيدة، إذ إنك، لا تعرف -بنسبة مائة بالمائة- أن عواصف اليوم، ستضرب في الغد أيضًا. أليس كذلك؟ أجل أعرف أن الاحتمالات أغلبها تشير إلى أن العواصف ستضرب في الغد. ولكن، ذهاب أغلب الاحتمالات في اتجاه واحد، لا يعني بالضرورة عدم وجود احتمالات في الاتجاهات أخرى، منها، أن العواصف يمكن -بمعجزة ما- ألا تضرب. ما أعنيه هو أنك لا تعرف ما سيحدث غدًا، والتالي يمكنك أن تفكر ولو قليلًا بأن الغد سيكون أفضل. ستشرق الشمس من جديد. ستشرق كل الشموس من جديد.
المشكلة أنه حين أستيقظ، لا أجد حتى الوقت، في التفكير في أن اليوم ربما يكون بلا عواصف، كما فكرت قبل النوم. فقط مع غلي ماء الشاي تبدأ الرياح الشديدة في ضرب نوافذ غرفتي وجدران روحي، حتى إذا ما وصلت لنقطة صب الماء في الكوب، تكون العواصف بالفعل، قد أوشكت على اقتلاع أشجار الغابات في نفسي، من جذورها.
يمر اليوم كئيبًا، مقبضًا، غريبًا، مرهقًا، وبلا معالم محددة تفصله عن نوم العصر المزعج. سوى يقينك التام في أعمق نقطة بوعيك، بأن كل هذه العشوائية والهلاوس، وكل هذه الضغوط والانحدارات، هي حقيقية تماماً، ومنسوجة بعناية في نسيج الواقع. بلا مجال للشك.
حين نقترب من منتصف الليل. يكون الوضع كارثيًا. فالوحوش الأسطورية بالفعل بدأت تتجول وتتربص بكل نقاط وعيك. تلقي بنظرة في داخلك، كما كان دامبلدور وهاري، يضعان رأسيهما فب البسيف لمعايشة الذكريات. تطل برأسك، فتجد المدن قد تهدمت، والغابات قد احترقت، والحصون قد اخترقت، والغيوم تعلو كل شيء.
حين تخرج رأسك من الداخل، لتعود للواقع مرة أخرى. تجد أنك منهك للغاية. مستنزف. تتخيل أن كل ترس من تروس عقلك يبذل قصارى جهده، ثم يعملون كلهم سويًا، فقط لكي تقول كلمة واحدة، أو ترفع كوب الشاي لحافة فمك، أو لتجر نفسك من غرفتك المحترقة حتى الشرفة لتستنشق هواءً نقيًا قليلًا بعد كل الدخان ثم تعود للغرفة مرة أخرى.
قبل النوم، يتسلل أحد أشعة القمر من فرجة النافذة التي تركتها حتى لا أختنق بنفسي. يكمل الشعاع تسلاه حتى روحي. يضيء معبدًا صغيرًا، قصيًا، يصعب العثور عليه. لكن شعاع القمر يعرف طريقه. يضيء هذا المعبد. يغمره. أطل برأسي مرةً أخرى. أجلس في هذا المعبد. تحت ضوء القمر الخارق. يحوم قط كبير ذو فرو ملكي حولي. أضعه على رجلي. أفكرُ: يجب أن أقتنع بأن الغد سيكون جيدًا. لا يهم الوضع العام المبعثر، ولا تهم الضغوط الداخلية والخارجية، ولا تهم الاحتمالات. سيكون الغد جيدًا.
جميل ولطيف ككُل ما خَطت يداكَ والله:))
ReplyDeleteجميل ولطيف ككُل ما خَطت يداكَ والله:))
ReplyDelete