محيطٌ مضطرب. 9 September.
أفكر الآن في بعض الطعام المنزلي الجيد، وربما كوب شاي ثقيل قليلًا. ولكنني خارج المنزل منذ قرابة الثلاث ساعات، ولا مجال للطعام، أو لكوب للشاي الآن.
الطقس اليوم حار بشكل سخيف. في المنزل، كانت الحرارة لطيفةً للغاية. ولكن، ومع الاضطرار للخروج للعالم الحقيقي، تحت حرارة شمس حقيقية، شعرتُ أن الجو خانقٌ نوعًا ما.
الجو خانقٌ، مثل فكرةٍ مجردةٍ وغير منطقية، تسيطر على عقلك بشكل ميتافيزيقي غير مبرر. وحينها تصبح الحقائق منفصلةً في عقلك بشكل مريع. ترى المنطقي، واللا منطقي، جنبًا لجنب. مع اختلاف جوهري ضخم وهو كون اليد العليا تخص اللا منطقي. أما المنطقي، فهو يوجد، ويكون، ولكنه لا يعدو كونه كائنًا وحسب. ولا قدرة له على درء اللا منطقي، ولا على منفاسته حتى. أتفهم ما أحاول قوله؟ أعتقد ذلك. على كل حال، الجو خانقٌ مثل فكرةٍ مثل هذه تماماً.
هذه الحرارة السخيفة، والأفكار السخيفة، تجعل كيانك يشبه سائلًا لزجًا ثقيلًا. ويبدأُ هذا السائل، تدريجيًا، في الانسكاب خارجك.
أفكرُ: لا شيء مستقر يا أصدقائي. لا شيء البتة. كسطح محيطٍ مضطربٍ لا يسكنُ قط. إنها ليست عاصفةً عاتيةً تلتهم القارب ومن عليه أو ينجو من ينجو. ولكنه توترٌ بسيطٌ دائمٌ في السطح، لا يهدأ.
والحقيقة، هذا مرهقٌ جدًا. حينما تهب عاصفة، نُعدُّ لها العدة، نُشمر لها السواعد، نُخزن المؤن ونَنتزع أصلب ما نملك لنواجه به فترةً عصيبة. حين تعرف أن هنالك، فترةً عصيبة، فأنت تستعد لها، وتعد عقلك للأمر. ولكن الأمر ها هنا، يرتبط ارتباطًا تامًا بالمعرفة. بمعرفة أنه، هنالك عاصفةٌ من الأساس وأنها على وصولٍ بالفعل. هنالك فترةٌ عصيبةٌ قادمة. أما أن، نبحر طيلة الوقت، باضطرابات طفيفةٍ في سطح الماء، فهذا هو الكابوس الحقيقي. إنها لن تقلب سفينتنا أو تغرقنا. ولكنها ستزرع توترًا مرهقًا للغاية في عقولنا. كطعام جيد تتناوله كل يوم، وينقصه بعض الملح. يوجد به ملح بالفعل، ولكنه غير كافٍ. إن أكلت الطعام، ستشبع، وتحظى بعناصرك الهامة، وسعراتك الكافية. ولكن تناوُل الطعام سيكون دائمًا عمليةً موتِّرة. تتناوله، ويهمس الصوت بداخلك، بلا توقف: هذا الطعام ينقصه الملح. لكان أفضل لو أضيف له القليل من الملح.
هل الصورة واضحة الآن؟
ربما لا يريد الواحدُ منا، بعد وجبة وجيدةٍ بالطبع، سوى يومٍ واحدٍ ينظر للميحط فيه، وبمعجزة ما، يكون سطحه مستقرًا. مستقرًا تمامًا.
Comments
Post a Comment