في البحثِ عن الزمن المفقود.
كانت ليلةً مطيرةً ذات محاقٍ في أواخر تشرين الثاني. قادني الأرق وآلام دورتي الشهرية إلى الجلوس في الشرفة المطلة على أحد الشوارع الرئيسية. ظللت أراقب الشارع بعينين مرهقتين من عدم النوم. رأيت رجلًا يعبر الطريق مبتعدًا، كان يرتدي معطفًا طويلًا، وله ملامح غير مميزة، مثل أي شخصٍ يمكن أن تقابله في الشارع وتنساه. هممت أحول نظري عنه إلى محل الزهور المقابل لشرفتي تماماً، لأرى أي أصناف جديدةٍ ابتيعت مؤخرًا، عندما لفت انتباهي ما كان يحمله. كان يحمل نسخةً من رواية في البحث عن الزمن المفقود. نفس الرواية التي كانت أحملها على قدميّ الآن. نظر ذو المعطف لي، وابتسم ابتسامةً محايدةً تماماً. كأنه قرأ ما دار في عقلي. ثم اختفى. اختفى بالمعنى الحرفي للكلمة. كان هناك، ثم فجأةً، لم يعد كذلك، كأن أحدًا ما انتزعه من الصورة ببرنامج فوتشوب رديء. كان يحتل جزءًا من الصورة في لحظة، ثم لم يعد هناك في اللحظة التالية. دخلت غرفتي سريعاً، رميت رواية پروست جانبًا، وأغلقت الشرفة جيدًا مُحكِمةً غلق الستائر. ثم ارتميت على السرير متدثِرةً بالكثير من الأغطية. كنت أرتچف مثل طائرٍ مبلل أنقذه محسنٌ ما من الغرق. ليس من الأرق، وليس من آلام دورتي الشهرية. ولكن لأن هذه اللحظة، كانت اللحظة المحورية، التي تهاوى فيها الواقع إلى حدٍ لم يعد من الممكن اعتباره واقعاً بعد ذلك. حتى ولو خرج دم أحمر إن غرست إبرةً في جسدي.
السلام عليكم فارس، أنا بتول، هذا هو النص اللي قلت لك اليوم تكلمت فيه بصيغة المؤنث، واكتشفت انك ما تكلمت بصيغة المؤنث بالصريح لكن كان تعبير وبسببه حسبتك أنثى، في قولك "آلام دورتي الشهرية". ضحكت الله يكتب أجرك، شكراً. (أرسلت هنا والله أعلم لو بتقرأ كلامي، لكن لأني لقيتك قفلت حسابك في تويتر)
ReplyDelete