إبرةٌ طويلةٌ تطالُ الهشاشة في العمق.
كيف يمكنك النجاة إذا كنت تهرب من عقلك داخله؟ إذا كنت تقاوم ما لا قِبَل لك به؟ دون أي سبيل آخر سوى المقاومة.
يمكنني أن أتذكر كابتن أميركا، قبل أن يصبح كابتن أميركا بالطبع، عندما كان ستيڤ النحيل يتلقى الضربات من المتنمرين، كان ينهض ويقول أنه يستطيع أن يفعل هذا طيلة النهار. كم أتمنى لو كنت بنفس الاستعداد النفسي، لتلقي الضربات طيلة الوقت، دون فقد الثقة في القضية، في العالم، وفي نفسي.
لا أتلقى الضربات طيلة الوقت بالطبع، لكل مئة هزيمةٍ هنالك انتصار صغير على الأقل، ولكنّا ها هنا لسنا في الجدال حول وجود الانتصارات من عدمها، ولكن لنرى هل يستحق هذا الانتصار الصغير كل هذه الهزائم؟ دعك من الاستحقاق، هل يكفي هذا الانتصار الصغير حتى لأن يكون قنديلًا يضيء في عتمة الانتصارات؟ لست أدري.
يُهيّأُ لي الآن أن العم إيليا كان محقًا حين أنشد قصيدةً كاملةً حول أنه لا يدري، وكل من يجيبه، يجيبه بأنه لا يدري. فلا العم إيليا يترك الأسئلة، ولا هو يتلقي أي إجابات. لا أحد يدري، والذين يدرون، إما إنهم لا يدرون أنهم يدرون، أو يدرون أنهم يدرون ولكن لا يدري أحدٌ أنهم يدرون، ولا يشاركون أحدهم بدرايتهم. أما لو وجدت من يدري، وعلم أنه يدري، وشاركك بما يدري، فأنت محظوظ للغاية. وأنا لست من هؤلاء للأسف.
مأساة الدهر أنني أظل واثقًا من نفسي ومن حياتي ثلاثةً وعشرين قيراط، حتى يأتي وغد من أوغاد الزمان، أو عضة من عضات الصقيع، ليضربني في القيراط الأخير، فأفقد القيراطات الثلاثة والعشرين كلها، وأفقد معها سلامي النفسي، وكل شيء. لا أجهل في الامتحان سوى خمس أسئلةٍ فقط، ولكنني ما إن أراهم، حتى أرفق معاهم ثلاث خمساتٍ آخرين، ولا ألومن في النهاية سواي. لو كنت قد بنيت منذ البداية عشرين قيراطًا فقط شريطة ثباتهم ورسخوهم، لما فقدتهم البتة. ولكنها عقيدة الألف عصفورٍ على الشجرة، حتى لو كنا عرضةً لفقدهم في أي وقت.
نصبح أقوى، أو نظن ذلك، ولكنها الهشاشة التي تظل في العمق الأعظم، حتى تطالها إحدى الإبر الطويلة، فتثور كل مخاوفك، وتضيق عليك الأرض بما رحبت، ولا ينجدك شيء إلا عفو الله. ولن تستحقه كل مرة أعتقد.
فلتعفُ عني روحك الطيبة أيها العم أمل، لأنه ربما في النهاية، أكون أنا أحد الرجال التي ملأتها الشروخ، والتي قد نادت بالصلح، ضاربةً بكل زعيقك عرضَ الحائط.
Comments
Post a Comment